أخر الاخبار

مرض الانهيدونيا Anhedonia أو مرض عدم التلذذ

ما هو مرض الانهيدونيا Anhedonia أو مرض عدم التلذذ؟

 نحن جميعا  كبشر مدفوعين لحب الحياة، والاستمتاع بها، و يجذبنا الفضول لكل ما هو مستجد و يمر علينا بشكل جديد في الحياة، و ذلك  الأمر يدفعنا للقيام بممارسة بالحياة اليومية، إننا لا نقوم بممارسة الأشياء فقط لسد حاجتنا بل أننا أيضا نستمتع بأداء تلك الأشياء.

على سبيل المثال، فنحن لا نتناول الطعام فقط من دافع الجوع، بل أيضا للاستمتاع بالطعم اللذيذ الشهي الذي قد نستمتع أيضا بتحضيره، و التفنن في وضع المزيد من المقبلات لتلك الأكلة.

على سبيل المثال القراءة، ليس فقط لتغذي عقلنا بل أيضا للاستمتاع و قراءة القصص المشوقة، و كذلك مقابلة الأصدقاء أو الأهل لكي نشعر بلذة العلاقات الاجتماعية و المحادثة و الضحك و التفاعل مع الأصدقاء أو الأهل و الأقارب، حتى العلاقة الزوجية فنحن نفعلها من باب المتعة ليس فقط للتكاثر، فإذا اختفت تلك الرغبة فماذا قد يحدث نتيجة لذلك.؟

هناك بعض الأشخاص يعانون من فقدان تلك الرغبة، و لا يشعرون بتلك المشاعر الجميلة، إحساس السعادة و المتعة عندهم أصبح مفقود.

مرض الانهيدونيا Anhedonia أو مرض عدم التلذذ

أمثلة لمرضى  الانهيدونيا Anhedonia أو مرضى عدم التلذذ

  • على سبيل المثال إذا كنت تتابع مباراة لكرة القدم وكان هناك بعض المتابعين و المشجعين يشاهدون المباراة معك فإذا فاز فريق ما بالمباراة، ستجد أن أحدهم سعيد جدا، و الفرحة على وجهه، و تجد  تعبيراته واضحة، و هذا بالطبع شخص طبيعي يشعر بالمتعة و التلذذ، أما إذا وجدت أحدهم لا يبدي أي مشاعر، أو اهتمام بعد فوز فريقه بالمباراة، و لا يجد لهذا الأمر أي متعة، مع حبه لكرة القدم، و شعوره في السابق بالفرحة عند فوز فريقه، فهذا الشخص قد أصبح مريض الانهيدونيا Anhedonia أو مريض عدم التلذذ.
  • و مثال آخر لأم تلعب مع طفلها، و نجد أن رد فعلها حماسي و هي تلعب مع  طفلها و تشعر بالفرحة و الحب، و يظهر ذلك الأمر على الأقل في عينها، على العكس نجد الأم التي عندها الانهيدونيا Anhedonia أو مرض عدم التلذذ، لا يجدي معها هذا الأمر، و هي تلعب فقط مع طفلها حتى يتوقف عن البكاء و الضوضاء فقط.
  • و في بعض الأحيان قد يقوم مريض الانهيدونيا Anhedonia أو مرض عدم التلذذ، بعمل رد فعل افتعالي، ليظهر به بعض المشاعر أمام المحيطين، و لكنه في الحقيقة فعل غير حقيقي، أو بمعنى آخر مشاعر غير حقيقة مصطنعة سرعان ما يتم كشف حقيقتها.

الفرق بين مشاعر السعادة و مشاعر اللذة و المتعة

إن مشاعر السعادة مشاعر معقدة، و قد تكونت نتيجة الخبرات و التجارب التي مرت بنا خلال حياتنا، مثل مشاعر الرضا و مشاعر الآمان و الطمأنينة، و قد يعيش الشخص كل حياته بدون الوصول للسعادة القصوى.

أما مشاعر اللذة و المتعة فهي شعور بسيط و معقد تابع لنظام المكافئة ، و هذا النظام موجود داخل أدمغتنا، و عند القيام بعمل شيء نحبه يكافئنا الدماغ بالشعور بالمتعة و اللذة عن طريق الدوائر العصبية التي تمنحنا هذا الشعور الرائع، و ذلك الشعور يجعلنا نكرر هذا الأمر للاستمتاع به، و لكن في حالة انهار هذا النظام، أو ما يطلق عليه نظام الرغبة و المتعة، فماذا سيحدث نتيجة لذلك؟

سيحدث في هذه الحالة التعرض لحالة نفسية تسمى اللانهيدونيا Anhedonia أي انعدام للتلذذ، و عدم الرغبة.

ذلك ان الانهوودنيا هي حالة نفسية يعاني الشخص فيها من انخفاض الشعور بالنشوة و اللذة و المتعة، حين يقوم بمزاولة أنشطته التي يعتاد أن يقوم بها يوميا.

هذا و الانهيدونيا تتعتبر عرض رئيسي من مرض الاكتئاب.

أو قد كون عرضا لمرض الانفصام أو مرض ثنائي القطب.

و قد يتعرض الشخص لحالة الانهيدونيا لفترة قصيرة من الزمن نتيجة لعرض طارئ حدث لذلك الشخص، مثل فقدان شخص عزيز عليه  أو فشل في الدراسة، أو نتيجة لظروف الحياة الاجتماعية و البيئية القاسية التي من الممكن أن يكون قد تعرض لها، و في هذه الحالة يفقد الإنسان  الرغبة في مزاولة أي نشاط قبل أن يعود لطبيعته.

لكن قد تستمر تلك الحالة النفسية، لتنبأنا بان ذلك الشخص قد يدخل في مرحلة اكتئاب.

أنواع و أعراض  اللانهيدونيا Anhedonia

النوع الأول هو النوع الجسدي: وهي تحدث على المستوى البدني، مثل فقدان الرغبة في الأكل، فيأكل الشخص فقط لكي يستمر على قيد الحياة، و يفقد الرغبة في ممارسة الجنس أو نشاط جسدي و بدني آخر.

النوع الثاني هو النوع الاجتماعي: و فيه يفقد الشخص الرغبة في إقامة العلاقات الاجتماعية، و يفقد حتى الرغبة في الاختلاط بالآخرين.

أن أن الشخص الذي أصبح عنده  اللانهيدونيا Anhedonia ، قد تصل به تلك الحالة إلى مستوى آخر، لتطول حياته الاجتماعية، و الجسدية و حتى الشخصية، و بسبب عدم الشعور بالمتعة التي كان يشعر بها في السابق. 

فلذلك نجد أن هذا الشخص قد فقد حتى الرغبة في التخطيط لمستقبله.

و كونه انعدمت الرغبة عنده في كل شئون و جوانب حياته، فذلك الأمر يجعل ذلك الشخص ينظر لنفسه على انه فقط يعيش لكي يحقق المطلوب منه، و هو انه يقوم بمهام معينة ليظل فقط على قيد الحياة.

و نتيجة لذلك يشعر مريض  اللانهيدونيا Anhedonia بأن حياته لا قيمة لها، و قد يفكر في إنهاء حياته التي يشعر بأنها بدون معنى.

في حالة شعرت بحدوث عرض من تلك الأعراض التي تناولنها سابقا فعليك الذهاب  إلى الطبيب المختص لتشخيص حالتك، و إعطاءك العلاج اللازم.

أنواع و أعراض  اللانهيدونيا Anhedonia

التشخيص الطبي  لللانهيدونيا Anhedonia

يقوم الطبيب بفحص الحالة المتقدمة إليه، و معرفة نوع  اللانهيدونيا Anhedonia، و هل هي من النوع الجسدي أو الاجتماعي أو كلاهما، و ما هو تحديدا سبب انعدام الرغبة في ممارسة أنشطته اليومية التي كان يقوم بها من قبل، و سبب عدم وجود اللذة أو المتعة عند ممارسة تلك الأنشطة التي كان يستمتع بها من قبل.

و هل هذا السبب نتيجة لحدوث مشاكل طرات على حياته في الفتر الاخيرة؟ أم لأسباب أخرى، مثلا بسبب نقص أنواع معينة من الفيتامينات ، أو نقص أنواع معينة من الهرمونات.

أو بمعنى آخر معرفة أن كان سبب  اللانهيدونيا Anhedonia نفسي أو بدني، لمعرفة العلاج المناسب لهذا المريض.

غالبا ما يكون أحد العلاجات الفعالة لمريض  اللانهيدونيا Anhedonia، هي بالعلاج الكلامي، حيث يقوم الطبيب المتخصص  بالتحاور مع المريض لمحاولة إخراجه من تلك الحالة اليائسة الذي يعيشها المريض دون أن يدري، و التي تسببت في تبلد مشاعره، و فقدان شعوره تماما.

قد يتطلب العلاج أشياء معينة أو قد يتطور بحسب التشخيص لثلاث أنواع من العلاجات:

  1. علاج دوائي.
  2. علاج كلامي.
  3. علاج بممارسة جلسات الكهرباء.

لكن بفضل الله سبحانه و تعالى يمكن تجاوز هذه الحالة و العودة مرة أخرى للحالة الطبيعية، و ممارسة الحياة بمتعتها، و قسوتها كأي شخص طبيعي.

الإحباط الدائم و الخذلان من أقوى أسباب  اللانهيدونيا Anhedonia

إنسان العصر الحديث أصبح أكثر عرضة للأمراض النفسية، بسبب كثرة الضغوط الرهيبة التي تحيط به من كل مكان، كما أن غياب البساطة في الحياة و تعدد المسؤوليات و مقابلة أشخاص غير جيدين، و تعرض الإنسان  للخداع و الخيانة، و الغدر، جعله يصاب بالقلق و الاكتئاب و الأمراض النفسية الأخرى، و منها مرض الانهيدونيا Anhedonia، أو عدم التلذذ و هو موضوع مقالنا هذا.

تشير Anhedonia إلى عدم القدرة على الشعور بالمتعة ، و تحدث غالبا مع الأنشطة التي اعتاد المرء على الاستمتاع بها.

 و تعرف أيضا الانهيدونيا Anhedonia أو انعدام التلذذ على أنه "عدم التمتع بتجارب الحياة أو افتقاد الطاقة لمواصلة الحياة أي العجز، و انعدام القدرة على الشعور بالمتعة والاهتمام بالأشياء ".

يعد انعدام التلذذ من الأعراض الشائعة لاضطراب الاكتئاب الشديد وغيره من الاضطرابات الاكتئابية ، بما في ذلك اضطراب عدم انتظام المزاج المضطرب ، وخلل المزاج ، واضطراب ما قبل الحيض المزعج ، والاضطراب الاكتئابي الناجم عن المواد المخدرة.

 يمكن أن تحدث الاضطرابات الاكتئابية أيضًا بسبب حالة طبية أساسية (على سبيل المثال ، مرض باركنسون أو مرض كوشينغ أو إصابة الدماغ الرضحية).

 قد يكون انعدام التلذذ أيضًا أحد الأعراض لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية عصبية ، مثل الفصام والذهان واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).

 في حين أن اهتمامات الفرد يمكن أن تتغير بمرور الوقت وقد يفقدون الاهتمام بالأشياء التي كانت تثيرهم في السابق ، فإن انعدام التلذذ يصف فقدان الاهتمام الشديد بالأشياء والأنشطة التي يتم قبولها عمومًا لتكون ممتعة (على سبيل المثال ، اللهو والجنس والطعام والتفاعل مع الآخرين).

بشكل عام ، سيشعر الأشخاص الذين يعانون من انعدام التلذذ بإحساس بالخدر أو قلة الشعور ويكون لديهم نظرة سلبية عامة على الحياة.

ماذا يحدث لمريض الانهيدونيا Anhedonia؟

إن مريض الانهيدونيا Anhedonia، كان إنسانا طبيعيا، كان يستمتع بالأشياء، و كان قلبه يرفرف فرحا و يشعر بالسعادة، كان هناك برنامجا تليفزيونيا يتابعه باهتمام، ويشعره بالسعادة، ربما كانت هناك مباراة يستمتع بها و فريقا يشجعه، و يفرح عندما ينتصر في المباريات.

و هكذا هناك الكثير من الأشياء التي كان يفعلها هذا الشخص و يستمتع بها، كان هناك بعض الأكلات لتي يستمتع بها، و بعض الملابس الجديدة، التي تسبب له الفرحة، و المتعة.

كان يفرح يوم العيد، و عند مقابلة الأهل و الأصدقاء، كان يشعر بالحب و يستمتع به.

نعم كان هناك الكثير و الكثير من الأشياء التي تسعد ذلك الشخص، و لكن مع ما حدث له  من مشكلات الحياة، و مع مرور الوقت أصبح لا يشعر، نعم لقد فقد إحساس الشعور، لقد افتقد الكثير من الأحاسيس السعيدة، لقد افتقد إحساس الفرحة و السعادة، و حاول البحث عنه في كل مكان لكن دون جدوى.

مهما حاول أن يفرح كما كان يفعل زمان، لا يفرح، مهما شاهد مباريات كرة القدم التي كان يحبها، و مهما شاهد فريقه الذي يحبه، و هو ينتصر، و كأن شيء لم يكن، انه افتقد أجمل الأحاسيس.

لقد افتقد السعادة و افتقد شعور الآمان، لقد أصبحت كل الأمور عنده سواء، لقد شعر أنه لا جدوى من أي شيء و لا شيء مهم، و لا فرص أخرى لكي يشعر بالسعادة مرة أخرى.

علاج مرض الانهيدونيا Anhedonia

يعتمد التشخيص على التحدث مع أخصائي الصحة العقلية وملء مقياس يقيس اهتمام الفرد بالأنشطة اليومية.

 إذا تم تشخيص حالة الفرد بأنه مصاب بانعدام التلذذ ، فإن الهدف هو المشاركة في المزيد من الأنشطة التي يمكن أن تعزز الدوبامين ، مثل محاولة الانخراط في المواقف الاجتماعية وممارسة الرياضة.

أما إذا كان انعدام التلذذ جزءًا من حالة صحية أساسية أكبر ، فإن علاج المرض الأساسي يمكن أن يخفف من أعراض انعدام التلذذ.

لا يجب أن تكون مرض الانهيدونيا  Anhedonia أو مرض عد التلذذ ، دائمة ويمكن علاجها بمساعدة أخصائي الصحة العقلية.

الخاتمة

إن مرض الانهيدونيا Anhedonia ، أو حالة الانهيدونيا Anhedonia لا تعتبر دائما حالة مرضية بل قد تحدث بشكل مؤقت لآي شخص، نتيجة ضغوط، وأحداث الحياة المختلفة التي يمر بها الإنسان، مثل فقدان شخص عزيز، أو خيانة شخص عزيز لك، و غيرها من الأشياء المرة التي تمر علينا في مشوار حياتنا.

و قد تتسبب تلك الصعوبات إلي تمر بنا،  إلى أن تنتابنا حالة من  الانهيدونيا  Anhedonia، أو انعدام التلذذ، و قد تمر مع مرور الوقت و تنتهي، و قد تستمر معنا و تحتاج لعلاج لدى المختصين، و قد تحدث كنتيجة لحالة نفسية سيئة حدثت لنا ، أو لمرض عضوي آخر من مشاكل نقص الفيتامينات، أو نقص بهرمونات الجسم.

كذلك قد يكون أحد أصدقائك أو أقاربك يمر بهذا الأمر، و من الواجب علينا الوقوف بجانبه و دعم هذا الشخص حتى يخرج من تلك المحنة الصعبة، و بتعاطفنا معه و الاهتمام به ، و عدم إعطائه تعليق سلبي على ما حدث له، و عدم التنمر أو التجريح في هذا الشخص الذي لم يعد يحتمل المزيد من الألم، فهذا الشخص يحتاج إلى الاحتضان و الحب و التفهم، و بممارسة الرحمة و العطف و سماع مشكلات هذا الشخص، فأنت بذلك  قد تنقذ ذلك شخص من نفسه، قد تنقذه من الانتحار أو إنهاء حياته نتيجة هذه الظروف السيئة التي يمر بها.

بالَإضافة إلى ما سبق إذا استمرت حالة الانهيدونيا  Anhedonia، أو انعدام التلذذ لفترة طويلة دون توقف أو تحسن فيجب طلب العلاج من الأطباء المتخصصين في هذا المجال، مع الحرص على عدم الإهمال في ذلك الأمر الذي قد يتطور لأشياء خطيرة، إذا شعر هذا الشخص أن حياته ليست لها معنى، و أنه يجب أن يؤذي نفسه أو يقوم بإنهاء حياته.

مع العلم أن قوة الإيمان و اللجوء إلى الله سبحانه و تعالى سوف تساعد بشدة في التخلص من مرض  الانهيدونيا Anhedonia أو مرض عدم التلذذ، إلى جانب الأخذ بالأسباب، و الشروع في الذهاب إلى الأطباء المختصين.

 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-